
عدن / غازي العلوي :
مشهد واحد يروي آلاف القصص: طفولة بين الظلام والجوع
الأمناء / غازي العلوي :
في ساعات الليل المتأخرة، وبينما يغطّ الجميع في نوم عميق، يظهر مشهد مؤلم في أحد شوارع مدينة عدن. طفل صغير، لا يتجاوز عمره عشر سنوات، يجلس على قارعة الطريق في خط إنماء الجديدة باتجاه البريقة، يحمل بيده سلة صغيرة تحتوي على بضع بيضات، محاولًا بيعها للمارة. وجهه الشاحب وملامحه المتعبة تعكس حجم المعاناة التي يعيشها، في مشهد يلخص واقعًا مريرًا يعيشه العديد من الأطفال في المدينة.
أثارت الصورة، موجة واسعة من الجدل والتعاطف بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي. وتحديدًا، لتوثق لحظة قاسية تعكس الواقع المأساوي الذي يعيشه الكثير من الأطفال في المدينة.
في المشهد، يظهر الطفل بملامح متعبة ووجه شاحب، غلب عليه النعاس، فيما يجلس وحيدًا في طريق شبه خالٍ، محاولًا بيع بضعة بيضات ليكسب لقمة عيشه. هذه الصورة الصغيرة من حجمها، لكنها كبيرة في رسالتها الإنسانية؛ فهي تلخص بوضوح معاناة الطفولة في بيئة تتسم بالفقر المدقع والظروف الاقتصادية الصعبة.
ناشطون ومتابعون اعتبروا أن الصورة ليست مجرد لقطة عابرة، بل تعبير صادق عن واقع مؤلم يعيشه أطفال عدن، بسبب انقطاع الرواتب وفساد الحكومة ، الذين دفعتهم الظروف القاسية إلى ترك مقاعد الدراسة والاندماج في سوق العمل المبكر. هؤلاء الأطفال لم يختاروا هذا الطريق، لكن الحاجة والفقر أجبروهم على البحث عن وسيلة للبقاء على قيد الحياة، في وقت كان يجب أن يقضوه بين دفء العائلة ومرح الطفولة والتعلم.
تُظهر الصورة حجم التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المدينة، حيث تتزايد أعداد الأطفال العاملين في الشوارع يومًا بعد يوم. وتشير التقديرات إلى أن الفقر وارتفاع مستويات البطالة دفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على أطفالها كمصدر دخل إضافي، ما يفاقم من مأساة الطفولة ويهدد مستقبل جيل كامل.
هذا المشهد المؤلم يضعنا أمام تساؤلات جدية حول حماية حقوق الطفل في عدن، والدور الذي يجب أن تقوم به الجهات الحكومية والمؤسسات الإنسانية لضمان بيئة آمنة للأطفال، تمنحهم فرصة التعليم، والحياة الكريمة، واللعب، والابتعاد عن شوارع المدينة المظلمة. كما يعكس الحاجة الملحة لمبادرات مجتمعية ودعم متواصل للأسر الفقيرة، لضمان أن لا يكون هذا الطفل وغيره مجرد رقم آخر في إحصائيات الفقر، بل إنسان كامل يستحق الأمان والرعاية والفرصة لبناء مستقبل أفضل.
إن الصورة التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي لم تثر العطف فقط، بل أشعلت أيضًا نقاشًا مجتمعيًا حول قضية أوسع تتعلق بحقوق الأطفال وضرورة إيجاد حلول مستدامة لمشكلات الفقر والبطالة، لتصبح بمثابة دعوة صريحة للعمل الإنساني، قبل أن تتحول هذه الطفولة المشرقة إلى ظلام دائم.
نقلا عن الأمناء