• آخر تحديث: الخميس 09 اكتوبر 2025 - الساعة:21:39:07
آخر الأخبار
أخبار عدن
تصريحات الرئيس الزُبيدي حول مأرب وتعز تُربك إعلام الإخوان والحوثيين وتعيد رسم المشهد السياسي .. رسائل تتجاوز الحدود
تاريخ النشر: الخميس 09 اكتوبر 2025 - الساعة 19:22:16 - حياة عدن / غازي العلوي :

مأرب وتعز.. من دوائر الحرب إلى حدود الجنوب

 “الجنوب العربي”.. ملامح دولة جديدة وهوية تتجاوز اليمن

رؤية سياسية جريئة تضع حدوداً جديدة وتفتح نقاشاً واسعاً حول مستقبل الشمال

الجنوب لا ينتظر طويلاً.. الزُبيدي يعلن بداية النهاية لليمن الموحّد

الإصلاح والحوثيون.. وحدة إعلامية في مواجهة مشروع الجنوب

الزُبيدي يربك حسابات الحوثي والإخوان

 

 

أحدثت تصريحات الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، في مقابلة مع قناة "الحرة" الأمريكية، والتي تحدث فيها بصراحة غير مسبوقة عن توجهات الجنوب ومستقبله، وعن طلب جهات من محافظتي مأرب وتعز الانضمام إلى دولة الجنوب بعد الاستقلال - أحدثت صدى واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية، ووضعت إعلام حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) ووسائل إعلام جماعة الحوثي في حالة من الارتباك والتخبط غير المسبوق.

 

 

ارتباك إعلامي واسع وتناقض في المواقف

 

أثارت تصريحات الرئيس الزُبيدي عاصفة من ردود الفعل داخل المعسكرين الإخواني والحوثي، حيث بدت وسائل إعلامهما في حالة ارتباك واضح بين محاولات التقليل من أهمية التصريحات وبين الإقرار الضمني بتأثيرها.

ففي الوقت الذي لجأت فيه بعض المنصات الإعلامية التابعة للإصلاح إلى مهاجمة الزُبيدي والتشكيك في نواياه، فضّلت أخرى التزام الحذر أو حتى الإشارة إلى إمكانية تفهّم موقفه، في تناقض يعكس حجم الإرباك الذي سببه الخطاب الجنوبي الجديد.

 

ويرى مراقبون أن هذا التخبط الإعلامي يعكس عمق الأزمة الفكرية والسياسية التي يعيشها حزب الإصلاح، الذي فشل في بناء رؤية واضحة تجاه الجنوب، خاصة بعد أن أصبحت معظم محافظات الشمال خاضعة لسيطرة الحوثيين، بينما استقرت الأوضاع الأمنية والخدمية في المحافظات الجنوبية إلى حدٍّ كبير.

 

مأرب وتعز في قلب النقاش.. والحوثيون المستفيد الأكبر

 

أظهرت ردود الفعل في إعلام الإصلاح قبولاً ضمنياً بسيطرة الحوثيين على المحافظات الشمالية، بما في ذلك مأرب وتعز، على الرغم من أن أجزاء من هاتين المحافظتين لا تزال خارج سيطرة المليشيات.

وقد كشفت تلك التغطيات عن إدراك خفي لدى قوى الشمال بأن مستقبل “اليمن الواحد” بات مهدداً فعلاً، وأن الجنوب يمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق مشروعه السياسي المستقل.

ويرى محللون أن الحزب الذي عجز عن مواجهة الحوثيين عسكرياً منذ سنوات، وجد نفسه اليوم أمام معادلة جديدة فرضها الزُبيدي بخطابه الواقعي والواضح، وهو ما جعل إعلامه يبدو مرتبكاً ومتناقضاً أكثر من أي وقت مضى.

 

الزُبيدي يرسم ملامح “الجنوب العربي”..

في واحدة من أكثر تصريحاته جرأة منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، كشف الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي عن الملامح الكبرى للدولة الجنوبية المقبلة، التي ستُعرف باسم “الجنوب العربي”، مؤكداً أن العمل جارٍ لبناء مؤسسات الدولة وتعزيز الأمن والخدمات في مختلف محافظات الجنوب، تمهيداً لإعلان دولة ذات سيادة وهوية منفصلة عن “اليمن” بمفهومه التقليدي.

 

وأوضح الزُبيدي أن هذا المشروع لا يهدف إلى القطيعة بقدر ما يهدف إلى استعادة هوية الجنوب التاريخية والثقافية التي طُمست بفعل الوحدة القسرية، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتحرك بخطى محسوبة ضمن مشروع وطني شامل يعيد تأسيس الدولة على أسس حديثة تتوافق مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

 

تحولات ملموسة على الأرض

 

أشار الرئيس الزُبيدي إلى أن الجنوب شهد خلال السنوات الأخيرة تحسناً ملموساً في الوضع الأمني والخدمي، وأن المؤسسات الإدارية والأمنية باتت أكثر قدرة على إدارة شؤون المواطنين.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل مؤشرات عملية على انتقال المجلس الانتقالي من مرحلة “المطالبة السياسية” إلى مرحلة “التنفيذ والبناء”، وأن الجنوب يسير نحو ترسيخ واقع جديد قائم على الاستقلال الفعلي والمؤسسات المستقرة.

 

مأرب وتعز.. بين الجغرافيا والسياسة

 

من أبرز النقاط التي أثارت الجدل في حديث الزُبيدي إشارته إلى إمكانية انضمام محافظتي مأرب وتعز إلى دولة الجنوب المستقبلية، بناءً على الروابط الاجتماعية والقبلية والجغرافية التي تربطهما بمناطق الجنوب.

وقد رأى بعض المراقبين أن هذا الطرح يمثل نقلة جريئة في التفكير السياسي الجنوبي، إذ يتجاوز المفهوم التقليدي للحدود، ويربط الانتماء بالمصالح المشتركة والهوية الاجتماعية لا بالجغرافيا فقط.

في المقابل، أثار هذا الطرح حفيظة بعض القوى الشمالية التي رأت فيه تعدياً على “الحدود التاريخية” لليمن، بينما اعتبر أنصار المجلس الانتقالي أن الزُبيدي يتحدث عن واقع جديد تفرضه المتغيرات السياسية والعسكرية في البلاد.

 

هوية جديدة تتجاوز اسم اليمن

 

أكد الزُبيدي أن الدولة المقبلة لن تحمل اسم “اليمن”، بل “الجنوب العربي”، وهو اسم يعكس هوية ثقافية وتاريخية مستقلة تعود جذورها إلى ما قبل الوحدة في عام 1990، ويرسّخ الانتماء العربي والإقليمي للجنوب بعيداً عن إرث الصراعات اليمنية المتكررة.

ويرى محللون أن هذا التوجه لا يقتصر على تغيير الاسم، بل يمثل مشروعاً كاملاً لإعادة بناء الهوية السياسية والاجتماعية لشعب الجنوب على أسس جديدة، أكثر وضوحاً واستقلالية وانتماءً لمحيطه العربي والخليجي.

 

رسائل متعددة الاتجاهات

 

تحمل تصريحات الرئيس الزُبيدي رسائل عميقة ومباشرة إلى أطراف عدة:

 

داخلياً: تأكيد على أن الجنوب أصبح جاهزاً لبناء دولته المستقلة وفرض سيادته على أرضه.

إقليمياً: تأكيد على أن “الجنوب العربي” سيكون شريكاً فاعلاً في منظومة الأمن الإقليمي، خاصة في البحر الأحمر وخليج عدن.

دولياً: رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن أي تسوية سياسية مستقبلية لليمن يجب أن تتعامل مع الجنوب ككيان مستقل له مؤسساته ورؤيته السياسية الواضحة.

 

قيادات الانتقالي تؤكد ثبات الموقف

 

أكد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح أن تصريحات الزُبيدي جاءت لتجدد موقف المجلس الثابت تجاه استعادة الدولة الجنوبية، موضحاً أن “فك الارتباط” يمثل هدفاً استراتيجياً لشعب الجنوب يسعى المجلس لتحقيقه عبر عملية سياسية سلمية تضمن فك ارتباط سلس يحافظ على الروابط والمصالح المشتركة بين شعبي الدولتين.

وأضاف صالح في حديثه لوكالة “سبوتنيك” أن المجلس الانتقالي حريص على تجنب أي خطوات أحادية، ويفضل الوصول إلى تسوية عادلة تُحترم فيها إرادة الجنوبيين وتضحياتهم. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن تجاهل هذه الإرادة سيمنح الجنوب الحق في الدفاع عن تطلعاته المشروعة بكل الوسائل الممكنة.

 

وأشار القيادي الجنوبي إلى أن تصريحات الزُبيدي حملت رسائل طمأنة مزدوجة:

فهي من جهة تبعث الأمل في الشارع الجنوبي بقرب تحقيق الحلم التاريخي بالدولة المستقلة، ومن جهة أخرى تطمئن الشركاء في السلطة بأن الجنوب سيظل ملتزماً بمسؤولياته الوطنية والأخلاقية في مواجهة ميليشيا الحوثي، شرط وجود جدية حقيقية من الأطراف الأخرى في خوض هذه المعركة حتى نهايتها.

 

الجنوب العربي.. مشروع دولة

يعتبر مراقبون أن تصريحات الزُبيدي الأخيرة تشكل بمثابة “إعلان سياسي متقدّم” يرسم الإطار العام لمستقبل الجنوب العربي، بما يحمله من مضامين تتعلق بالهوية والجغرافيا والسيادة.

 

 

وفي ظل الانقسام الحاد الذي يشهده اليمن اليوم، تبدو رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي الأكثر وضوحاً وتنظيماً، إذ تجمع بين الواقعية السياسية والطموح الوطني.

وبينما يواصل الشمال الانغماس في صراعات القوى، يسير الجنوب بخطوات محسوبة نحو استعادة دولته وهويته، في مشهد قد يعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة بأكملها.

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

الصحافة الآن