
شكّلت كلمة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي في جامعة كولومبيا، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أكثر من مجرد موقف سياسي، إذ قدمت إطاراً عملياً ورؤية واقعية لتحقيق سلام مستدام في الجنوب واليمن.
أكد الرئيس الزُبيدي على حقيقة راسخة لطالما جرى تجاهلها: إن مشروع وحدة عام 1990 بين الجنوب واليمن قد فشل، وإن محاولات إحيائه لم تُنتج سوى مزيد من الانقسامات وعدم الاستقرار، وأوضح أن السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة.
الأهمية الاستراتيجية للخطاب تجلت في الإشارة إلى أن احتواء جماعة الحوثي في اليمن أمر غير ممكن دون قيام دولة جنوبية قوية، ديمقراطية، وقابلة للحياة، قادرة على مواجهة المشروع الطائفي المدعوم من إيران، وتقديم نموذج بديل يقوم على التعددية والتنمية والاستقرار.
كما حذر الرئيس الزُبيدي من أن خارطة الطريق الأممية الأخيرة قد تمنح الحوثيين شرعية بحكم الأمر الواقع، ما يجعلها أداة لإطالة أمد الصراع بدلاً من حله، وأكد أن أي عملية سلام ناجحة يجب أن تستند إلى الوقائع الميدانية وتلبي تطلعات شعب الجنوب في الحرية واستعادة دولته.
ولم يقتصر الخطاب على البعد السياسي، بل تطرق إلى خطوات عملية لتعزيز الاقتصاد والخدمات، من خلال الشراكة مع البنك الدولي في مشاريع استراتيجية، والعمل على استقرار العملة، والتدخل المباشر لمواجهة الكوارث الطبيعية في الجنوب، وهو ما يعكس أن المجلس الانتقالي الجنوبي ليس مجرد حامل لقضية سياسية، بل طرف فاعل في الإدارة والتنمية.
في جوهره، حمل خطاب الرئيس الزُبيدي رسالة واضحة: أي تسوية سياسية في اليمن لن يُكتب لها النجاح من دون معالجة قضية شعب الجنوب بجدية، وهي ليست قضية محلية فحسب، بل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة وحماية المصالح الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
باختصار، خطاب الرئيس قدّم الرؤية الأكثر واقعية للحل، لا استقرار ولا سلام دون الاعتراف بحق الجنوب في استعادة دولته.