• آخر تحديث: الجمعة 31 اكتوبر 2025 - الساعة:15:53:15
آخر الأخبار
أخبار وتقارير
تقرير خاص : المهرة تشتعل بصراع النفوذ... والقاعدة تترقب الفراغ!
تاريخ النشر: الجمعة 31 اكتوبر 2025 - الساعة 15:36:44 - حياة عدن / غازي العلوي :

الممرات الصحراوية تتحول إلى شرايين تهريب وممرات للتطرف

تحالفات متناقضة تعصف بأمن المهرة وتُربك القرار الميداني

اغتيال الخولاني... عودة الإرهاب من بوابة الرمال الشرقية

القبيلة تتقدم... والدولة تتراجع في معركة السيطرة على الساحل الشرقي

تعدد الولاءات يفتح ثغرات خطيرة في جدار المهرة الأمني

المهرة إلى أين ؟

تقرير / غازي العلوي :

تتحرك الرمال في المهرة هذه الأيام على وقع توترات متصاعدة واصطفافات سياسية وعسكرية متشابكة. المحافظة الشرقية، التي ظلت لسنوات بعيدة عن خطوط النار، تجد نفسها اليوم على شفا فراغ أمني مقلق، وسط صراع على النفوذ بين القوى المحلية وتنامي تحركات تنظيم «القاعدة» الذي يسعى لاستغلال هشاشة الموقف.

وبينما تتبدّل التحالفات بسرعة في الميدان، تتراجع قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود والمنافذ، ما يجعل المهرة حلقة رخوة في منظومة الأمن اليمني الممتدة على البحر العربي.

 

 

اغتيال «الخولاني»... عودة الظلال المتطرفة

 

في واحدة من أكثر الحوادث إثارة للقلق، شهدت المهرة قبل أيام عملية اغتيال سليمان عبدالسلام الخشي المعروف بلقب **«شداد الخولاني»، أحد أبرز الوجوه الإعلامية لتنظيم القاعدة، والذي كان قد مال في الأشهر الأخيرة إلى تنظيم «داعش».

وبحسب مصادر أمنية، وصل الخولاني إلى المهرة قبل أسبوع واحد فقط من مقتله، في مهمة يُعتقد أنها مرتبطة بتنسيق لوجستي بين خلايا التنظيم في الجنوب، قبل أن يُقتل برصاص مجهولين في ظروف غامضة.

 

ويرى مراقبون أن غياب التفاصيل الرسمية حول الحادثة لا يقل خطورة عن الواقعة نفسها، إذ يكشف عن تنامي حركة العناصر المتشددة عبر ممرات صحراوية وبحرية يصعب السيطرة عليها، في ظل تشتت القرار الأمني وتضارب المرجعيات الميدانية.

 

تعدد المرجعيات... صراع نفوذ يضعف السيطرة

 

تؤكد مصادر محلية أن التحركات المتزايدة لعلي سالم الحريزي خلقت واقعاً ميدانياً مرتبكاً داخل المهرة، إذ أصبحت القرارات الأمنية موزعة بين أكثر من جهة، في وقت تتداخل فيه الحسابات السياسية والقبلية.

ويحذر محللون من أن هذا التداخل بين مسارات السياسة والأمن قد يؤدي إلى إضعاف خطوط الحماية على السواحل والطرق البرية، الأمر الذي يفتح المجال أمام المهربين والجماعات المتطرفة للتمدد بحرية أكبر.

 

تحالفات متبدلة تضرب تجربة «نخبة الساحل»

 

تُظهر القراءات الميدانية أن هناك تقاطع مصالح بين علي سالم الحريزي وسالم الغرابي وعمرو بن حبريش، وهو تقاطع انعكس سلباً على تجربة النخبة الحضرمية التي أثبتت كفاءتها في حفظ الأمن بساحل حضرموت.

أي خلخلة في هذه القوة – بحسب المراقبين – ستترجم ميدانياً إلى فتح ممرات للتهريب وعبور عناصر القاعدة بين المحافظات، مستفيدين من «الممرات الرخوة» التي تمتد من صحراء المهرة حتى سواحل الشحر والمكلا.

 

 

اقتصاد ظل وتحشيد قبلي يفاقمان الأزمة

 

لا يمكن قراءة المشهد الأمني في المهرة بمعزل عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية المرافقة. فاقتصاد الظل يتسع عند كل نقطة عبور غير قانونية، والاعتبارات القبلية والمناطقية يتم استدعاؤها في الخطاب الإعلامي والسياسي لتغذية الاصطفافات، بينما تُهمّش القضية الجوهرية المتمثلة في غياب المرجعية الأمنية الموحدة.

 

هذا الخليط من التهريب والولاءات المتداخلة يجعل من أي ثغرة – مهما كانت صغيرة – نافذة محتملة أمام التنظيمات المتطرفة، خصوصاً أن الحدود الشرقية للمحافظة تمتد مئات الكيلومترات عبر الصحراء والساحل، ما يجعل ضبطها تحدياً معقداً يتطلب تنسيقاً استخباراتياً عالياً ومراقبة تقنية متقدمة.

 

لا يقتصر المشهد على البعد الأمني فحسب، إذ يتغذى التوتر في المهرة على اقتصاد ظل متنامٍ عند نقاط التهريب غير القانونية، إلى جانب الاعتبارات القبلية والمناطقية التي يجري توظيفها سياسياً لتأجيج الصراع.

ويرى محللون أن هذه البيئة المزدوجة — المال والولاء — تمثل أرضاً خصبة لتجنيد العناصر الجديدة، وتوفر للتنظيمات الإرهابية غطاءً مجتمعياً يعيق جهود الملاحقة والمراقبة.

 

دعوات لتوحيد القيادة الأمنية وفتح تحقيق شفاف

 

مصادر أمنية شددت في حديثها لـ«الأمناء» على ضرورة توحيد خط القيادة الأمنية في المهرة، وإنهاء ازدواجية القرار بين القوى المحلية، مع الحفاظ على التجربة الناجحة لقوات النخبة الحضرمية وعدم تسييس انتشارها.

كما دعت إلى تشديد أدوات التحقق في المعابر، وتفعيل قواعد بيانات حديثة لربط المعلومات الأمنية بين المهرة ووادي وساحل حضرموت، إلى جانب فتح تحقيق شفاف ومهني في اغتيال الخولاني، لتحديد نطاق الشبكات المتصلة بالحادثة وملاحقة المتورطين.

 

اختبار حاسم لمستقبل المهرة

 

يؤكد الخبراء أن المهرة اليوم أمام مفترق طرق:

إما أن تستعيد تماسكها المؤسسي والأمني تحت قيادة موحدة قادرة على حماية الحدود والسواحل،

وإما أن تنزلق إلى فراغ يعاد تدويره من قبل الفاعلين الأكثر تطرفاً، في مشهد يهدد ليس المهرة وحدها بل الأمن الإقليمي في البحر العربي بأكمله.

 

وفي ظل هذا التحدي، يظل الاستثمار في الانضباط والشفافية والتنسيق الأمني هو الخيار الوحيد القادر على كبح تمدد القاعدة وإغلاق الثغرات التي صنعتها السياسة قبل أن تفرضها الجغرافيا.

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

الصحافة الآن