
كتب / وضاح نصر عبيد الحالمي :
تطل علينا ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، لا كذكرى عابرة في سجل التاريخ، بل كنبضٍ خالدٍ في وجدان كل جنوبي، وكشعلةٍ لا تنطفئ مهما تبدّلت الأزمنة وتعاقبت التحديات.
إنها الثورة التي أطلقت شرارتها الذئاب الحُمر من قمم جبال ردفان الشمّاء، لتكسر قيود الاستعمار، وتخطّ بدماء الأحرار أولى صفحات الكرامة والسيادة الوطنية.
لقد كانت ثورة أكتوبر مدرسةً خالدة في الإصرار والتضحية، ومصدرَ إلهامٍ للأجيال التي حملت الراية جيلاً بعد جيل، حتى وصلت اليوم إلى مرحلة النضال السياسي والعسكري الجديد بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، الذي يمضي على ذات الدرب وذات الهدف: تحقيق الاستقلال الثاني وبناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة.
وما أشبه اليوم بالبارحة؛ فالمعركة تغيّرت ساحاتها، لكن جوهرها واحد.
فكما واجه أبناء الجنوب في الأمس الاستعمار البريطاني، فإنهم اليوم يواجهون مشاريع الهيمنة والاحتلال الجديد دفاعًا عن هوية وطنهم وحقهم في تقرير مصيرهم.
لقد أثبتت ميادين النضال في مختلف الجبهات أن ثورة أكتوبر لم تنتهِ بانسحاب آخر جندي استعماري، بل تواصلت في ملاحم البطولة والفداء التي سطرها أبطال المقاومة الوطنية والقوات المسلحة الجنوبية بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، وبمساندة ودعم دول التحالف العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، دفاعًا عن الدين والأرض والعِرض والهوية.
إن تجديد العهد لثورة أكتوبر اليوم ليس مجرد احتفال رمزي، بل هو تأكيدٌ على أن إرادة الاستقلال لا تُقهر، وأن الجنوب ماضٍ في بناء مؤسساته الدفاعية والأمنية كضمانةٍ لاستقرار المنطقة، وكركيزةٍ أساسيةٍ في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.
وفي هذه المناسبة العظيمة، نُجدّد العهد والوفاء لكل شهداء ثورة أكتوبر الأولى والثانية، الذين رسموا بدمائهم الطاهرة طريق الحرية، ونؤكد أن الجنوب العربي الذي حرر الأرض لن يقبل بأقل من تحرير القرار واستعادة الدولة.
فأكتوبر ليس ماضيًا نحتفل به، بل حاضرٌ نعيشه ومستقبلٌ نصنعه، بروح الأبطال، وعزيمة الرجال، وإرادة شعبٍ لا يعرف الانكسار.
رئيس الهيئة التنفيذية لانتقالي لحج وكيل المحافظة