خلف بريق الابتكار.. أزمة صامتة تضرب سوق التكنولوجيا الإسرائيلي
تاريخ النشر: الاحد 27 يوليو 2025
- الساعة 13:47:25 - حياة عدن / خاص
تتباهى إسرائيل عالميا بلقب "أمة الشركات الناشئة" (Startup Nation)، وبِكونها مركزا مزدهرا للتكنولوجيا والابتكار، إذ تتصدر العناوين بقصص النجاح والاستثمارات الضخمة. لكن خلف هذا الوهج التكنولوجي، تتشكل بهدوء أزمة عميقة في سوق العمل.
الأرقام التي لا تتصدر العناوين تكشف عن واقع مختلف، إذ إن آلاف المهنيين من أصحاب الخبرة يُستبعدون من القطاع، في وقت تبدو فيه الشركات أكثر حرصا على الكفاءة والتقليص من الاستثمار في الإنسان. إنها مفارقة صارخة بين صورة مزدهرة تُروّج للعالم، وحقيقة مظلمة يعيشها عمق الصناعة التكنولوجية في الداخل
المهن التقنية الأساسية شهدت تراجعا لافتا في إسرائيل (شترستوك)
الهدوء الذي يسبق الانهيار.. أرقام تنذر بتحول جذري
كشف تقرير مشترك صادر عن "سي تك" (CTech) و"كالكاليست" (Calcalist) عن معطيات صادمة تشير إلى أزمة توظيف متفاقمة في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، رغم الواجهة المزدهرة.
فقد تضاعف عدد الباحثين عن عمل في هذا القطاع بنسبة 112%، من نحو 7 آلاف في يناير/كانون الثاني 2019 إلى ما يقارب 15 ألفا في أبريل/نيسان 2025، في مفارقة لافتة، مع انخفاض بنسبة 4% في عدد الباحثين عن عمل في بقية القطاعات خلال الفترة نفسها.
ورغم أن الأرقام الرسمية لا تشمل من لم يسجلوا للحصول على مخصصات البطالة، وغالبيتهم من الشباب غير المؤهلين بعد، فإن الضربة الكبرى شملت أصحاب الخبرة، وتحديدا من تتراوح أعمارهم بين 36 و45 عاما، الذين كانوا حتى وقت قريب يشكلون العمود الفقري للقطاع.
في السياق نفسه، شهدت المهن التقنية الأساسية تراجعا لافتا، إذ ارتفع عدد الباحثين عن عمل في مجالات قواعد البيانات والشبكات بنسبة تفوق 223%، وفي تطوير البرمجيات وتحليل التطبيقات بنسبة 147%. وتشكل هاتان الفئتان وحدهما نصف العاطلين عن العمل في قطاع التكنولوجيا حتى أبريل/نيسان 2025.
إعلان
الأخطر من ذلك هو الارتفاع الكبير في نسبة أصحاب الرواتب المرتفعة (بين 25 ألفا و600، و43 ألفا و800 شيكل شهريا، أي نحو 7100 دولار إلى 12 ألفا و200 دولار) بين العاطلين، إذ قفزت نسبتهم من 15% في 2022 إلى 40% في 2025. مما يعني أن ما يُعرف بـ "الطبقة الوسطى القوية" من المهنيين المهرة لم تعد في مأمن.
وتشير البيانات إلى أن الأزمة ناتجة أساسا عن تسريحات وليس استقالات، إذ تضاعف عدد المسرحين بمقدار 2.5 مرة بين الربع الأول من 2022 والربع الأول من 2025.
أما التحول الأبرز، فهو انقلاب ميزان السوق. ففي 2019، كان هناك 1.6 وظيفة لكل باحث عن عمل، أما بحلول 2025، فانخفض الرقم إلى 0.9 فقط، مما يعني أن العرض تجاوز الطلب.
ورغم أن إجمالي التوظيف في القطاع نما بنسبة 22.5% خلال الفترة نفسها، فإن تضاعف عدد الباحثين عن عمل يكشف عن فجوة حقيقية واختلال هيكلي يهدد استقرار هذا القطاع الحيوي.