• آخر تحديث: الجمعة 17 اكتوبر 2025 - الساعة:16:01:17
آخر الأخبار
أخبار محلية
بين الإنكار والارتباك.. لماذا تأخر الحوثيون في إعلان قتلاهم؟
تاريخ النشر: الجمعة 17 اكتوبر 2025 - الساعة 16:01:17 - حياة عدن / خاص :

ضربةٌ قاصمةٌ تلقتها مليشيات الحوثي عقب مقتل عددٍ من قياداتها العسكرية والسياسية في ضرباتٍ إسرائيلية، مما كشف حالةً من الارتباك في صفوفها.

وبعد 50 يومًا من وقوع الغارات على صنعاء، اعترفت مليشيات الحوثي بمصرع رئيس أركانها محمد عبد الكريم الغماري، في خطوةٍ جاءت عقب استكمالها ترتيب سلّم القيادة العسكرية وللحفاظ على معنويات عناصرها، وفق خبراء وباحثين يمنيين.

واعتبر الخبراء في تصريحاتٍ منفصلةٍ لـ"العين الإخبارية" أن "الإعلان الحوثي يمثّل تصدعًا معنويًا في القداسة العسكرية لدى المليشيات، وارتباكًا داخليًا، وأزمةَ ثقةٍ باتت تعاني منها المليشيات"، مرجعين "التأخر في الإعلان إلى عدة عوامل، بعضها سياسي وآخر عسكري، بالإضافة إلى الخوف من انهيار ثقة قواعدها".

تأثير سلبي وأسباب التكتم
ورأى الخبير العسكري اليمني، العميد ركن عبد الصمد المجزفي، أن مقتل رؤوسٍ كبيرةٍ وقياداتٍ حوثية سيكون له تأثيرٌ سلبيٌّ بسبب التغييرات في قيادة المليشيات العسكرية، معتبرًا أن هذه القيادات القديمة هي التي أسست العمل العسكري الحوثي في بداية تكوينه، وعملت على الربط بين القيادة والقواعد في عملية تلقي الأوامر، وشبكات الأعمال العسكرية، وخلايا التنفيذ.

وفي تصريحاتٍ خاصةٍ لـ"العين الإخبارية"، قال المجزفي إنه "كان هناك تنسيقٌ معيّن، ومع هذا التغيير القيادي سيؤثر على العمل العسكري والتنسيق نتيجة مقتل أفضل ما لدى المليشيات من قادةٍ، الذين تم استخدامهم في بداية بروز المليشيات لتوسيع سيطرتها".

أما بشأن تأخر الحوثيين في إعلان مقتل قياداتٍ عسكريةٍ كبيرةٍ رغم إعلان مقتل القادة السياسيين، فيعتقد الخبير العسكري المجزفي أن "مقتل القادة السياسيين لا يعني شيئًا، لأن حكومة الحوثيين عبارة عن هيكلٍ شكلي، ومن يدير البلاد فعليًا أشخاصٌ آخرون كالمشرفين العسكريين وغيرهم".

وأضاف أن "مليشيات الحوثي حاولت التكتم على مقتل قيادتها لعدة أسباب، منها حتى لا يؤثر ذلك على الروح المعنوية لعناصرها في الميدان، ولإظهار الأمر على أن إسرائيل استهدفت قياداتٍ عسكريةً مرموقةً بسهولة".

والسبب الثاني، بحسب المجزفي، يرجع إلى حاجة المليشيات إلى الوقت لترتيب سلّم القيادة وإعلان البديل، كونها ليست لديها خياراتٌ كثيرة لتأتي برئيس أركانٍ جديد، كما أن المليشيات لم ترد منح إسرائيل فرصةً للاحتفاء بـ"نشوة النصر"، وبأنها حققت إنجازًا كبيرًا وقت الاستهداف، رغم أن الإسرائيليين يعلمون جيدًا مَن استهدفوا بالضبط.

وتوقع المجزفي أن "الأيام القادمة ستكشف عن قادةٍ حوثيين آخرين تم استهدافهم في العملية نفسها، وأدت إلى مقتلهم أو التسبب بإعاقتهم ومنعهم من ممارسة أعمالهم بشكلٍ طبيعي".

فراغ مركّب وصراع أجنحة
من جانبه، رأى الباحث السياسي والصحفي اليمني أنس الخليدي أن "مقتل هذه القيادات يُقرأ بوصفه ضربةً تمسّ العمق التنظيمي للجماعة، كونها بنت بنيتها على مركزيةٍ مغلقةٍ ترتكز على الولاء والثقة الشخصية أكثر من الكفاءة المؤسسية".

وفي تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، أكد الخليدي أن "سقوط رأسٍ بهذا الحجم يُحدث فراغًا مركّبًا: فراغًا في القيادة، وأعمق منه في الثقة داخل الصف القيادي، والتأثير المباشر سيكون اضطرابًا في تماسك القيادة".

وقال: "لكن الأخطر هو التصدع المعنوي الذي يصيب فكرة القداسة العسكرية التي كانت تُحاط بها رموز الجماعة، لذا فالأثر لن يكون سريعًا، لكنه سيكون تراكميًا يُقوّض مركزية القرار على المدى المتوسط".

أما بشأن تأخر الحوثي في إعلان مقتل قياداتٍ عسكريةٍ كبرى، فعكس "ارتباكًا داخليًا أكثر مما هو تريّثٌ إعلامي، كون الجماعة التي بنت سرديتها على صورة المنظومة التي لا تُخترق تجد نفسها اليوم أمام حدثٍ يصعب تفسيره لجمهورها دون أن تعترف بانكشافٍ أمنيٍّ خطير"، وفقًا للخليدي.

وقال: "لذلك لجأت المليشيات إلى أسلوبها المعتاد في إدارة الأزمات، عبر الصمت حتى ترتيب روايةٍ يمكن ترويجها داخليًا دون أن تهزّ صورة العصمة الأمنية، إضافةً إلى أن طبيعة الصراع داخل أجنحة القيادة تجعل إعلان مثل هذه الخسائر جزءًا من معركةٍ داخليةٍ على مَن يتحمّل المسؤولية ومَن يرث موقع الضحية".

وأكد الخليدي احتمالية وجود قياداتٍ أخرى قُتلت ولم يُعلن عنها، وهو ترجيحٌ يدعمه بقوة كونه "جزءًا من نهج الجماعة في إدارة الأزمات من داخلها"، إضافةً إلى ممارسة الحوثيين ما يمكن وصفه بـ"سياسة الإخفاء الوقائي"، أي حجب المعلومات إلى أن يتم ترتيب التوازنات الجديدة داخل القيادة.

كما لا يرتبط الإعلان فقط بوقوع الحدث، بل بتهيئة البديل وضمان ولاء المحيط التنظيمي، وغالبًا ما تكشف الأيام اللاحقة عن أسماءَ أخرى كانت قد اختفت بصمتٍ لتظهر لاحقًا إما في قوائم القتلى أو في سياق تصفياتٍ داخليةٍ يُغلَّف الإعلان عنها بغطاءٍ أمنيٍّ أو عسكري"، وفقًا للباحث والصحفي اليمني ذاته.

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

الصحافة الآن